الاتجار بالمخدرات والقتل العمد.. أيهما أخطر على المجتمع؟
بقلم: المستشار كريم أبو اليزيد
عند طرح هذا السؤال على مجموعة من الناس، ستختلف الإجابات. البعض يرى أن المخدرات تهدم عقول الشباب وتؤدي لانهيار الأسر والمجتمعات، والبعض الآخر يرى أن القتل العمد، خاصة مع سبق الإصرار، هو جريمة أكثر وحشية لأنها تنهي حياة إنسان.
لكن القانون لم يترك هذا التقديرح للشعور العام فقط، بل رتّب أحكامًا قانونية تعكس رؤيته لخطورة كل جريمة. وهنا تقع المفارقة الغريبة: القتل العمد، رغم بشاعته، تُسقط عقوبته بعد مرور 20 سنة، في حين تظل عقوبة الاتجار بالمخدرات قائمة إلى الأبد.
إذا كان المعيار هو الخطورة، فلماذا لم يمنع القانون سقوط عقوبة القتل العمد بالتقادم؟ وهل تجار المخدرات أكثر خطرًا على المجتمع من القتلة؟
الحقيقة أن الاتجار بالمخدرات لا يمكن التقليل من خطره، لكنه لا يجب أن يُوضع دائمًا في مرتبة أعلى من القتل. فالجريمة هي الجريمة، ومتى ما تقادمت، تساوت المراكز القانونية، وينبغي إسقاط العقوبة وفقًا لذلك.
إننا لا ندعو إلى التساهل مع تجار المخدرات، بل نطالب بعدم الاستثناء في مبدأ قانوني عام. فالاستثناء يُفسد القاعدة، ويخلق فجوة تشريعية قد يُبنى عليها طعن دستوري مستقبلاً.
وعليه، فإن المراجعة التشريعية مطلوبة، سواء بضم جرائم المخدرات لنطاق التقادم أو بإعادة صياغة فلسفة العقاب لتكون متناسقة، متوازنة، وتستجيب لتغيرات الزمان والمكان.