الحوكمة في مصر: ركيزة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة ضمن رؤية 2030
تعد الحوكمة أحد الأعمدة الأساسية لتحقيق التنمية المستدامة و تعزيز الإستقرار الإقتصادى و الاجتماعي، حيث تضمن الإدارة الفعالة للموارد، وتعزز الشفافية، و تحفز المساءلة، مما ينعكس إيجابياً على مناخ الاستثمار و النمو الإقتصادى.
و في هذا السياق، أطلقت مصر رؤية ٢٠٣٠ كإطار إستراتيجى لتحقيق تنمية شاملة و مستدامة، متماشية مع أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة (SDGs) وأجندة إفريقيا ٢٠٦٣، و وضعت الحوكمة في صلب سياساتها لضمان تحقيق أهدافها الوطنية والإقليمية.
فالحوكمه ليست مجرد إطار تنظيمي، بل هي آلية لضمان الإستخدام الأمثل للموارد، و تحقيق العدالة، و مكافحة البيروقراطيه و الفساد، لبناء مؤسسات قويه و تعزيز بيئة صحيه جاذبه للإستثمار و إستعادة ثقة المستثمرين المحليين و الدوليين من خلال ضمان وجود أنظمة رقابية و مؤسسية فعالة و تحقيق الاستخدام الأمثل للموارد مما يحد من الهدر ويعزز كفاءة الإنفاق العام و إرساء العداله الإجتماعية و تحقيق تنميه متوازنه من خلال تطبيق نظم رقابيه فعاله.
تتبنى مصر في رؤيتها ٢٠٣٠ نهجًا متكاملًا يعتمد على الحوكمة لتعزيز التنمية المستدامه و من ثَم الإزدهار الإقتصادى، و يستند هذا النهج إلى سبعة أهداف رئيسية:
1- الإصلاح الإداري:
من خلال تحديث و هيكله الجهاز الإداري، و تطوير الكفاءة المؤسسية و تحقيق التحول الرقمي، و الإهتمام بالكوادر البشرية.
2- تعزيز الشفافية و مكافحة الفساد:
عبر تفعيل دور الأجهزة الرقابية، وتطبيق نظم إدارية و مالية حديثة و الحد من البيروقراطية.
3- تعزيز المساءلة والمسؤولية:
بتطبيق معايير واضحة للمحاسبة، وتشجيع مشاركة المواطنين في الرقابة و تفعيل آليات الرقابة و المحاسبة.
4- تمكين الإدارة المحلية:
من خلال نقل بعض الصلاحيات للحكومات المحلية، و دعم اللامركزية لتعزيز التنمية الإقليمية.
5- تقوية الشراكات:
بإشراك القطاع الخاص والمجتمع
المدني في جهود و تحقيق التنمية المستدامة.
6- تعزيز التعاون الإقليمي و الدولى:
لضمان الاستفادة من التجارب العالمية وتبادل الخبرات.
7- الحفاظ على الاستقرار و الأمن:
كعنصر أساسي لاستدامة التنمية و جذب الاستثمارات.
على الرغم من التقدم الملحوظ و لكن مازال يوجد بعض التحديات التي تعرقل تطبيق الحوكمة و تحقيق أهدافها الفعالة، و من أبرزها:
مقاومة البيروقراطية للإصلاح الإداري، حيث لا تزال بعض المؤسسات تتبنى نهجًا تقليديًا في الإدارة وضعف التنسيق بين الأجهزة المختلفة، مما يؤدي إلى تداخل الاختصاصات.
و أيضاً نقص الوعي المجتمعي بأهمية الحوكمة، وغياب ثقافة المساءلة لدى بعض القطاعات.
كسر الحواجز و تحديات التكنولوجيا و التحول الرقمي فى بعض الجهات الحكومية والقطاع الخاص و لذلك يجب خلق حلول لتحقيق الحوكمة الفعالة لمواجهة هذه التحديات و اتخاذ خطوات حاسمة،
مثل:
- تسريع التحول الرقمي لتعزيز الشفافية وتقليل المعاملات الورقية التي تسهل الفساد.
- تعزيز اللامركزية من خلال إعطاء المحافظات مزيدًا من الصلاحيات في إتخاذ القرارات التنموية.
- إشراك المجتمع المدني في عمليات الرقابة وضمان تنفيذ المشروعات بشفافية.
- تطوير التشريعات لضمان توافقها مع التطورات الاقتصادية والاجتماعية.
و قد أطلق البنك المركزي المصري عدة مبادرات لدعم الحوكمة في القطاع المالي والمصرفي، شملت:
تعزيز الشمول المالي وإدراج المشروعات الصغيرة والمتوسطة في النظام المصرفي.
تطبيق معايير الحوكمة على البنوك لضمان إدارة فعالة لرأس المال والمخاطر.
دعم التحول الرقمي للخدمات المالية لتعزيز الشفافية والحد من الفساد المالي.
كما لعبت وزارة التخطيط دورًا هامًا في تنفيذ إستراتيجية الحوكمة عبر:
تطوير نظم التخطيط الاستراتيجي وربطها بالموازنة العامة للدولة،
إطلاق منصة "رؤية مصر 2030" لمتابعة الأداء الحكومي و تحقيق الشفافية وتعزيز الابتكار الرقمي لدعم عملية إتخاذ القرار و تحقيق الأهداف التنموية.
و تضافرت جهود وزارة الإستثمار و التعاون الدولى على تعزيز الحوكمة في مناخ الأعمال من خلال تحسين التشريعات المتعلقة بالاستثمار لجذب رؤوس الأموال الأجنبية والمحلية و
إنشاء مراكز خدمات المستثمرين لتسهيل الإجراءات وتقليل البيروقراطية.
توسيع الشراكات الدولية والإقليمية لدعم تدفقات الاستثمار المباشر وغير المباشر.
تعمل الدوله علي قدماً و ساق في ملف التحول الرقمى الذي يعد أحد المحاور الأساسية لتحقيق الحوكمة، حيث يسهم في تقليل الفساد المالي و الإداري من خلال زيادة الشفافية في المعاملات الحكومية.
تحسين كفاءة الخدمات الحكومية عبر ميكنة العمليات وتبسيط الإجراءات.
تعزيز القدرة على التنبؤ بالمخاطر و إتخاذ قرارات مستنيرة بإستخدام البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي.
مما لا شك أن تحقيق نظام حوكمة قوى في مصر سيؤدي إلى فوائد هائلة، في تحسين مناخ الاستثمار، مما يسهم في جذب رؤوس الأموال الأجنبية وتعزيز التنمية الاقتصادية و تعزيز ثقة المواطنين في مؤسسات الدولة، مما يؤدي إلى إستقرار سياسي و إجتماعى أكبر و زيادة كفاءة إستخدام الموارد العامة، مما يسهم في تحسين مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين.
حيث تشير التقارير الدولية إلى أن الدول التي تتبنى أنظمة حوكمة قوية تحقق معدلات نمو اقتصادي أعلى و تتمتع بمناخ إستثماري أكثر جاذبية.
تشكل الحوكمة عنصرًا أساسيًا في تحقيق التنمية المستدامة لمصر، وتطبيقها الفعلي سيمكن الدولة من تحقيق أهداف رؤيتها ٢٠٣٠ بنجاح، والوصول إلى اقتصاد أكثر تنافسية و عدالة إجتماعية مما ينعكس بالطبع علي تقدم و إزدهار الإقتصاد المصرى و استدامة الاقتصاد عبر الإستخدام الأمثل للموارد.
تحفيز الاستثمارات الأجنبية المباشرة (FDI) من خلال تقليل المخاطر وتحقيق الاستقرار و تحسين تصنيف مصر الائتمانى مما ينتج عنه تحسين تصنيف مصر الائتمانى فيعزز الثقة الدولية في الإقتصاد المصرى و زيادة فرص العمل ورفع المعدلات الإنتاجية من خلال تحسين بيئة الأعمال.
و رغم المعوقات، فإن الإرادة السياسية تركز على تحقيق النمو الاقتصادي الشامل والمستدام الهدف 8 من SDGs و تعزيز العدالة الاجتماعية والحد من عدم المساواة الهدف 10 من SDG و أخيراً و ليس آخراً تعمل علي خلق المؤسسات القوية والشفافة والمستدامة و الذي يعتبر الهدف 16 من SDGs
كما تبذل جهود عظيمه لتعزيز التعاون الإقليمي لتحقيق التنمية الإفريقية المشتركة و الإصلاحات المستمرة و التى كفيلة بكسر الحواجز وتحقيق مستقبل أكثر إشراقًا لمصر وشعبها.
ولا يمكن الحديث عن هذه الإنجازات دون تسليط الضوء على القيادة الحكيمة للرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي أولى أهمية خاصة لمفهوم الحوكمة باعتبارها أداة رئيسية لتحقيق التنمية والاستقرار.
فمنذ توليه الرئاسة، أدرك الرئيس أن الإصلاح الإقتصادى و الإدارى لن ينجح دون إرساء قواعد الحوكمة الرشيدة، ولذلك أطلق سلسلة من المبادرات الجريئة، مثل:
برنامج الإصلاح الاقتصادي، الذي عزز من مرونة الاقتصاد المصري في مواجهة الأزمات ومشروع التحول الرقمي، الذي جعل مصر واحدة من الدول الرائدة في المنطقة في ميكنة الخدمات الحكومية و إصلاحات تشريعية ضخمة، مثل قوانين الاستثمار والشركات والمنافسة، التي سهلت ممارسة الأعمال في مصر و إطلاق مشاريع تنموية كبرى، مثل "حياة كريمة"، والتي تعتمد على مبادئ الحوكمة لضمان كفاءة التنفيذ وتحقيق العدالة الاجتماعية.
ومع دخولنا عام ٢٠٢٥، يمكن القول بأن مصر حققت تقدمًا ملحوظًا في مسار الحوكمة، و مع استمرار الألتزام بالإصلاحات، فإن مصر على الطريق الصحيح لتحقيق أهدافها التنموية، والتحول إلى نموذج يحتذى به في المنطقة.